محاولة منّا ،ونحن نعمّق البحث في خلفية ودلالة المقولة المأثورة التي تناقلها العرب أبا عن جد، والقائلة : ” تمخّض الجبل فولد فأراً ” ،وجدناها تعني أن الجبل الكبير و الطود العظيم بعليائه وشموخه وضخامته تململ يوما وتحرّك ،وأحسّ الناظرون برجّاته وتساقط أحجاره ،ظانّين أن خطراً أو زلزالا مدمّرا قادمٌ ، لكن وبعد هذه المعاناة وذلك المخاض ،وتنوّع التوقّعات يخرج من أحد شقوق هذا الطود فأر صغير.
وكأننا بهذه المقولة نضرب المثل لمن يُتوقّع منه الكثير، لكنه يأتي بالنزر اليسير والذليل أحيانا إن لم نقل حقيرا،الذي لا يتناسب وحجم الجعجعة التي يُحدثها من حوله ،
وهذا إن دلّ على شيء ،فإنّما ينطبق على واقع بعض جماعاتنا المحلية بوطننا الحبيب ،الذي أراده ملك البلاد بمبادراته المشهود لها بالريادة في الأوساط الدولية قبل الوطنية أن يكون بلدا صاعدا، بغية إخراج أبنائه من شرنقة التخلّف والتشرذم والتدبير الماتح من الحنين إلى فترات القمع التي قطع معها المغرب نهائيا ، بل طلّقها طلاقا بائنا بَيْنونة كبرى بدسترة الحياة المغربية بقطاعاتها المختلفة ، لكن ومع الأسف الشديد ! نلاحظ اليوم وعبر سيناريوهات ووقائع حيّة بجماعة مولاي إدريس أغبال عمالة إقليم الخميسات ممارساتٍ تُشعر أبناءَ اولاد اعزيز أنهم قد غُرّر بهم ،وإلّا لِمَاذا لا يفي المُبشِّرون و دعاة التغيير بالوعود والتغييرات التي روّجوها إبّان حملاتهم المسعورة ؟ ! فبعد هذا اللغط علِم والِجُ مقرّ جماعة أغبال أن لا شيء اليوم يُنبيء بالجديد ،
وأدرك المتتبع لأمر هذه الجماعة أن هناك حاجزا نفسيا سميكا وليد ظروف وثقافات (..) يحول دون انخراط المدبِّر للشأن المحلي بوعيّ ورصانة في سيرورة النجاعة والفاعلية في الأداء . حيث الجمود والتحجر والهروب والاستبداد بالرأي يسلب حرية الموظف في أداء مهمّته ،ويعوق تحقيق التدبير الأمثل ،وتجاوز أزمة الحكامة في هكذا ممارسة ،إذ لا بدّ من سلوك مسارٍ ديموقراطيّ قادر على بناء قِوامة اجتماعية ناجعة ، ودونما ذلك نكون واهمين بانتظار احترام الآخر لنا ،إذ هناك زهورٌ بلا عطر، ومن الصعب أن نسعى في هذا الإطار ـ وفي ظلّ عقيقة هذا المولود- الذي تمخض عنه الجبل ـ إلى إعادة الأمجاد التليدة ،القادرة على تجويد الأداء وخلق النماء والرخاء لأناس ينشدون الأمن والخير في مدبّر أمرهم ،والى حلقة قامة.
احمد الزعري