قراءة ذ. عبدالله بورحي
ان الجرائم التي ترتكب بواسطة استخدام شبكة الأنترنت متنوعة وكثيرة وهي في ازدياد دائم نتيجة التطور التكنولوجي.
وهذا النوع من الجرائم إما أن تنصب على المال، كاستخدام بطاقات ائتمانية انتهت صلاحيتها أو ملغاة من الجهة التي أصدرتها أو استخدام بطاقات مسروقة أو مزروة،او الدخول لمواقع البنوك و لحسابات الزبناء وإدخال بيانات أو مسح بيانات بغرض اختلاس الاموال أو نقلها واتلافها.
واما أن يكون محل الاعتداء فيها هو الأشخاص، ومن أمثلة جرائم الاعتداء على الأشخاص جريمة السب والقذف ، التي لها الأثر البالغ سلبا على شخص الإنسان. وهي الأكثر شيوعا وانتشارا خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت، إذ يساء استخدام هذه التقنية للنيل من شرف الغير أو كرامته أو اعتباره أو تعرضه إلى بعض الناس واحتقارهم ، كحالة التقاط صورة احد متتبعي كرة المضرب وهو نائم وما لحقه من اهانة واحتقار ومس بشخصيته من خلال التعليقات التي رافقت النشر، الشئ الذي دفعه الى مقاضاة كل من مس بشرفه وكرامته عبر البوابة الاكترونية وقضت المحكمة لصالحه . ومن الامثلة كذلك ما يتم إرساله على شكل رسائل إلكترونية أو رسائل خاصة داخل المنتديات او من خلال رسائل محادثة فورية .
هنا نطرح سؤال عن النصوص التي تدين هذه الجريمة في القانون الجنائي لمكافحة الإجرام عبر الأنترنت ،وهل من آليات تقنية لدعم ادعاءات المجني عليه بهذا الخصوص .
لمواجهة الاجرام الالكتروني المعلوماتي احدث المشرع المغربي بابا مستقلا في مجموعة القانون الجنائي تحت عنوان المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات تناول فيه بعض الجرائم المعلوماتية، ولكنه لم يتطرق للجرائم التقليدية التي ترتكب بواسطة الانترنيت تاركا اياها للنصوص التقليدية المتعلقة بها،وبالتالي تدخل ضمن جرائم السب والقذف والاعتداء على الحياة الخاصة المرتكبة عن طريق النشر طبقا لقانون الصحافة او طبقا للقانون الجنائي المغربي.
فقد جاء الفرع الخامس من مجموعة القانون الجنائي المتعلق بالاعتداء على الشرف أو الاعتبار الشخصي وإفشاء الأسرار انه: يعد قذفا ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة، إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليها. (الفصل 442)
كما ” يعد سبا كل تعبير شائن أو عبارة تحقير أو قدح لا تتضمن نسبة أي واقعة معينة. (الفصل 443)
ونص الفصل 444 على ان:القذف والسب العلني يعاقب عليهما وفقا للظهير رقم 1.58.378 المؤرخ في 3 جمادى الأولى 1378 موافق 15 نونبر 1958 المعتبر بمثابة قانون الصحافة.
راجع مقتضيات القسم الثالث من الباب الرابع من قانون الصحافة كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 77.00 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.02.207 بتاريخ 25 رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)، سالف الذكر، وهي كالتالي:
الفصل الرابع والأربعون: يعد قذفا إدعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيأة إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو الهيأة التي نسبت إليها.
ويعد سبا كل تعبير شائن أو مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة أو قدح لا يتضمن نسبة أية واقعة معينة.
ويعاقب على نشر هذا القذف أو السب سواء كان هذا النشر بطريقة مباشرة أو بطريق النقل حتى ولو أفرغ ذلك في صيغة الشك والارتياب أو كان يشار في النشر إلى شخص أو هيئة لم تعين بكيفية صريحة ولكن يمكن إدراكه من خلال عبارات الخطب، أو الصياح أو التهديدات أو المكتوبات أو المطبوعات أو الملصقات أو الإعلانات المجرمة.
الفصل الخامس والأربعون: يعاقب بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد وسنة واحدة وبغرامة يتراوح قدرها بين 1.200 و100.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط عن كل قذف يرتكب بإحدى الوسائل المبينة بالفصل 38 في حق المجالس القضائية والمحاكم والجيوش البرية أو البحرية أو الجوية والهيآت المؤسسة والإدارات العمومية بالمغرب.
الفصل السادس والأربعون: تطبق نفس العقوبات على مرتكبي القذف بنفس الوسائل المذكورة في حق وزير أو عدة وزراء من أجل مهامهم أو صفاتهم أو نحو موظف أو أحد رجال أو أعوان السلطة العمومية أو كل شخص مكلف بمصلحة أو مهمة عمومية مؤقتة كانت أم مستمرة أو مساعد قضائي أو شاهد من جراء تأدية شهادته.
أما مرتكبو القذف الموجه إلى الشخصيات المذكورة فيما يهم حياتهم الخاصة فتطبق عليهم العقوبات المبينة في الفصل السابع والأربعون الموالي.
الفصل السابع والأربعون: يعاقب بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين 10.000 و50.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط عن القذف الموجه للأفراد بإحدى الوسائل المبينة في الفصل 38.
الفصل الثامن والأربعون: يعاقب بغرامة يتراوح قدرها بين 50.000 و100.000 درهم عن السب الموجه بنفس الوسائل إلى الهيئات والأشخاص المعينين في الفصلين 45 و46.
ويعاقب بغرامة يتراوح قدرها بين 5.000 و50.000 درهم عن السب الموجه بنفس الطريقة إلى الأفراد بدون أن يتقدمه استفزاز.
الفصل الواحد والخمسون: كل من يوجه عن طريق إدارة البريد والتلغراف أو بالطرق الإلكترونية الأخرى مراسلة مكشوفة محتوية على قذف يوجه إما إلى الأفراد وإما إلى الهيئات أو الأشخاص المعنيين في الفصول 41 و45 و46 و52 و53 يعاقب بحبس أقصاه شهر واحد وبغرامة تتراوح بين 1.200 و5.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
وإذا ما احتوت المراسلة على سب فيعاقب على هذا الإرسال بالحبس لمدة تتراوح بين ستة أيام وشهرين اثنين، وبغرامة يتراوح قدرها بين 200 و1.200 درهم.
وإذا تعلق الأمر بما هو منصوص عليه في الفصل 41 يعاقب بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين 1.200 إلى 5.000 درهم.
الفصل الواحد والخمسون مكرر: يعاقب بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين 5.000 و20.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من نشر ادعاءات أو وقائع أو صور تمس بالحياة الخاصة للغير.
انطلاقا عن هذا التعريف يمكن أن نستنتج أن السب يتميز بخاصية أساسية وهو أنه لا يشتمل على واقعة معينة كما هو الشأن بالنسبة للقذف ، بل يعتبر سبا متى تضمن بأي وجه من الوجوه خدشا للشرف والاعتبار .
وفي كلتا الحالتين فإن المتابعة متوقفة على شكاية أو طلب من الشخص ذي الصفة قانونا.
ولجبر الضرر عما يصيب الاشخاص المعنوية او الذاتية من جراء المساس بكرامتهم وشرفهم ، فقد أنزل المشرع عقابا على كل من إدعى أو نسب واقعة إلى شخص أو هيئة معينة ، سواء وجه ذلك عبر رسالة عن طريق إدارة البريد والتلغراف أو بالطرق الإلكترونية الأخرى، إما إلى الأفراد أو الهيئات أو الأشخاص المعينين في الفصول 41 و45 و46 و52 و53 من قانون الصحافة ، فيعاقب على هذا الإرسال بالحبس لمدة تتراوح بين ستة أيام وشهرين اثنين وبغرامة يتراوح قدرها بين 200 و1.200 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
وفي هذه الحالة الأخيرة يلاحظ أن الجزاء هو نفسه المقرر بالنسبة للقذف ، وباستثناء هذه الحالة فإنه يلاحظ أن جميع العقوبات في جنحة السب هي فقط مجرد غرامات ، على خلاف سابقتها المتعلقة بالقذف التي تتضمن بالإضافة إلى ذلك عقوبات سالبة للحرية.
اما من حيث الاثبات فان القاعدة في الميدان الجنائي هي حرية الاثبات أي جواز الإثبات بكافة طرق الاثبات القانونية ، والقيد على هذه القاعدة ان الدليل يتعين ان يكون من الادلة التي يقبلها القانون ، وبالتالي تظهر اهمية اعتراف القانون بالادلة ذات الطبيعة الالكترونية ، خاصة مع احتمال ظهورأنشطة إجرامية عديدة في بيئة الاعمال والتجارة والبنوك الالكترونية .
ومن هنا كان البحث القانوني في العديد من الدول يتجه وبجد إلى الاعتراف بالحجية القانونية لملفات الكمبيوتر ومستخرجاته , والرسائل الالكترونية ذات المحتوى المعلوماتي,ليس بصورتها الموضوعة ضمن وعاء مادي ولكن بطبيعتها الالكترونية المحضة وذلك عن طريق انتداب خبير لإجراء عمليات الكشف والتثبت من محتوى الوثائق الالكترونية