في إطار متابعتها لملف حادثة احتجاز السائحة البريطانية كوليت روبنسون في إحدى المصحات الخاصة بمدينة مراكش، بسبب عدم قدرتها على تسديد فاتورة علاجها بعد تعرضها لأزمة قلبية، توصلت كشـ24 بمعطيات مثيرة وصادمة بخصوص هذه القضية.
وفي تصريح لابن السائحة المعنية خص به كشـ24، قال إن والدته حاولت الانتحار داخل المصحة المعنية بسبب الليالي الموحشة التي أمضتها وحدها خلال مدة الاحتجاز، وكذا التعامل غير اللائق الذي تلقت خلال فترة كانت تعاني فيها صحيا ونفسيا، قبل أن تغادر المصحة.
وأوضح جاك أن السبب الذي جعل والدته تفكر في الانتحار هو المضايقات المتعلقة بالمال وهو الشيء الذي تحول لحبس انفرادي بسبب احتجازها، كما أن اعتقادها المستمر بأنها ستذهب إلى السجن وربما تموت دون أن ترى عائلتها جعلها تفكر في أن انهاء حياتها هو الحل الوحيد.
وأبرز المتحدث لكشـ24 أنه وعلى الرغم من أن أسرته نجحت في تجميع مبلغ الفاتورة المطلوب والذي بلغ 22 ألف جنيه إسترليني أي حوالي 275 ألف درهم مغربي، إلا أن المصحة استلمت في آخر المطاف 10,000 جنيه إسترليني بعد تدخل السلطات الصحية، قبل أن تقرر المصحة بعد ذلك احتجازها مرة آخرى طالبين منها ضرورة سحب البيانات التي سربت لوسائل الاعلام، حسب إداعاءاته.
وكشف ابن السائحة أن والدته تمكنت حاليا من العودة إلى بلادها ومنزلها وهي في صحة بدنية جيدة، إلا أنها تعاني نفسيا، حيث تقضي الكثير من وقتها وهي شاردة الذهن، ورأسها مليء بتلك الأفكار المظلمة التي راودتها خلال فترة وجودها بالمصحة.
وأضاف جاك غيلدر أن جميع أفراد أسرته لازالوا يعانون نفسيا من الطريقة التي تم التعامل بها مع والدته خلال تواجدها بالمصحة المذكورة، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة احتجزت والدته ورفضت مغادرتها قبل تسديد المبلغ بالكامل كما رفضت دفع المبلغ على أقساط، وأصرت على الدفع الفوري تحت طائلة الملاحقة القانونية.
وكشف المتحدث أن مسؤولين بالمصحة المعنية حاولوا ابتزازه للتراجع عن التصريحات التي أدلى بها للصحافة الأجنبية وطالبوه بالإعلان على أن جميع أقواله كانت مجرد كذب.
وحاولت كشـ24 ربط الاتصال بالمصحة المعنية للحصول على تصريح بهذا الخصوص إلا أن موظفة الاستقبال قامت بفصل الخط ثلاث مرات فور معرفة هوية المتصل.
وكان ابن السائحة قد عبر سابقا عن استغرابه من التكاليف الباهظة التي فرضتها المصحة، مشيرا إلى أنه أجرى مقارنات مع أسعار الخدمات الطبية المماثلة في المغرب، ولم يجد أي سابقة لمثل هذه المطالبات المالية.
وجدير بالذكر أن هذه الحادثة أثارت موجة من الاستنكار والجدل، حيث أعرب المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام، في بيان رسمي، عن صدمته العميقة من هذه الواقعة التي اعتبرها انتهاكًا لكرامة الإنسان وإساءة إلى سمعة المغرب كوجهة سياحية عالمية.
وأكدت الجمعية الحقوقية أن فتح تحقيق عاجل وفرض إجراءات صارمة بات أمرا ضروريا لمنع تكرار مثل هذه التجاوزات، التي قد تضر بصورة المغرب دوليا.
وشدد المرصد على أن مهنة الطب ينبغي أن تبقى رسالة إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون نشاطا تجاريا، إذ إن الحق في العلاج يعد من الحقوق الأساسية التي يجب أن تكفل للجميع، خاصة في الحالات الطارئة التي تهدد حياة الإنسان.
وانتقد المرصد افتقار بعض المصحات الخاصة للشفافية، مطالبا بتمكين المرضى من الاطلاع على تفاصيل الفواتير الطبية لضمان عدم تعرضهم لأي استغلال مالي. كما شدد على ضرورة منح المرضى حق اتخاذ قراراتهم العلاجية بناء على معلومات دقيقة وواضحة.