أعاد ملف بائع السمك الشاب عبد الاله الذي اثار ضجة كبيرة بالمغرب خلال الاسابيع القللية الماضية، الحديث بمراكش حول سوق السمك بالجملة والاختلالات التي يعرفها، والتي تساهم في ارتفاع المنتوج السمكي بمراكش.
وأكدت مصادر مطلعة في هذا الاطار ان تقرير لجنة افتحاص كان قد أوفدها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في فبراير 2024 إلى سوق الجملة للأسماك بمراكش، كشف عن خروقات خطيرة في التدبير المالي والإداري لهذا المرفق، الذي أنشئ بشراكة بين المكتب الوطني للصيد البحري وجماعة مراكش سنة 2013، بدعم من برنامج “حساب تحدي الألفية” الأمريكي.
ووفق المصادر ذاتها، فإن التقرير النهائي، الذي وُجّه إلى وزير الداخلية في أكتوبر 2024 بعد دراسة ردود المكتب الوطني للصيد البحري، أظهر مدى سوء التسيير والفساد الذي طال هذا المشروع، مما يطرح تساؤلات جدية حول الخطوات التي تم اتخاذها لمحاسبة المتورطين ومعالجة هذا الوضع.
التقرير أشار إلى أن المكتب الوطني للصيد البحري حدد الأثمان المرجعية للأسماك في هذا السوق دون استشارة جماعة مراكش أو لجنة التسيير، رغم أن القانون الداخلي للسوق يلزم بذلك. كما كشف عن مشاكل في التجهيزات اللوجستية وسوء الإدارة المالية، ما يضع المسؤولية المباشرة على عاتق المديرة العامة للمكتب، أمينة الفكيكي، ومساعدها المدير السابق الذي لا يزال يمارس مهامه رغم إحالته على التقاعد.
كما أثارت نتائج الافتحاص تساؤلات حول الإجراءات التي اتُخذت بعد الكشف عن هذه التجاوزات، خاصة في ظل الضغوط التي تتعرض لها المديرة العامة من قبل لوبيات الاحتكار والسمسرة، مما أدى إلى سيطرة “الشناقة” و”السماسرية” على السوق، و هي الأوضاع الت ساهمت في خلق متاعب سياسية لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، بالنظر إلى ارتباط المشروع بدعم أمريكي، في وقت أوقفت فيه الإدارة الأمريكية تحت رئاسة دونالد ترامب دعمها لبرامج التنمية الدولية بسبب سوء تدبيرها في عدة دول.
المثير للتساؤل هو غياب أي إعلان رسمي عن الخطوات التصحيحية التي ستُتخذ لضبط الأوضاع، أو أي مساءلة للمسؤولين عن هذه التجاوزات. كما لم تُعلن جماعة مراكش، التي ترأسها فاطمة الزهراء المنصوري، عن موقفها من تغييبها في اتخاذ القرارات الخاصة بتسيير السوق.
ومع استمرار الفساد وسوء التسيير في هذا المرفق الحيوي، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت هذه التجاوزات ستُواجه بإجراءات حاسمة، أم أن الأمور ستستمر على ما هي عليه تحت ضغط اللوبيات المتحكمة في القطاع، و التي كانت وراء استبعاد البائع الشاب “عبد الاله” ودفعه لتحدي الجميع باشراء المنتوج السمكي من الموانئ مباشرة، و اعتماد اسعار فضحت المضاربين، وهزت الرأي العام المحلي والوطني.